{قُلْ أَرَأيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} في موقفكم هذا الذي يتميز بالعناد القائم على العصبية ،{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ} ممن انفتحوا على الحق البارز في الوحي القرآني ،جزاء ثقافته التوراتية التي تحمله على تصديق رسول الله في رسالته ،وفي وحي الله الذي يبلّغه للناس ،{فَآمَنَ} عندما رأى عمق الحقيقة في مسألة الإيمان{وَاسْتَكْبَرْتُمْ} عليه ،فلم تخضعوا لله في وحيه ورسالاته بعد قيام الحجة عليكم ،الأمر الذي يوحي بأن من يفتح قلبه على آفاق المعرفة ،لا بد من أن يصل إلى الإيمان ،وأنّ من يعيش روح العصبية والاستكبار يبقى في دائرة الجهل والعناد ،بعيداً عن الإيمان .
ويقول المفسّرون: إن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن سلام ،حيث أسلم في المدينة ،وكان عالماً كبيراً ممن يملكون ثقافة التوراة في بني إسرائيل[ 1] ،وبذلك تكون هذه الآية مدنيَّة داخل السورة المكية .
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الذين ظلموا أنفسهم بالبقاء في ساحة الجهل ،والبعد عن نور المعرفة ،والانطلاق في خط الكفر والشرك والضلال ،ورفضوا الأخذ بأسباب الهداية وهي في متناول أيديهم ،ما أغلق باب الهداية الإلهية عنهم ،لأنّ الله لا يهدي من يصرّ على اختيار الضلال كنهجٍ لحياته .