{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ} في معرض تبرير تركهم للإيمان والتأكيد على أنهم يتميزون عن غيرهم في وعي القضايا الفكرية والعملية ،وفي التزامهم بخط الخير الواضح في طبيعته ،وسبقهم الدائم إليه ،وعدم قبولهم تقدّم أحد عليهم في ذلك ،{لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} لأننا السابقون إلى الخير في كل المواقع ،لكننا لم نرَ فيه ملامح الخير للبشرية{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ} أي بالقرآن ،أو بالإيمان في مضمونه الفكري والعملي ،{فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أي من الأكاذيب القديمة ومن أساطير الأولين ،ولا يستند قولهم هذا إلى قاعدةٍ فكريةٍ تميز بين الصدق والكذب ،وبين الأسطورة والواقع ،بل إلى عقدة الكبرياء الكامنة في عمق شخصياتهم التي تحاول إعطاء مواقفها السلبية من القضايا بعداً منطقياً بادعاء وجود خلل ما في مضمونها .وهذا هو الأساس في كلامهم المذكور في الفقرة السابقة من الآية:{لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} ليصوّروا أن رفضهم للرسالة يتحرك من موقع عدم قبولهم إلا بالخير الذي اكتشفوا أن الدعوة القرآنية لا تمثّله .