{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً} فقد أنزل الله الكتاب على موسى ليكون إماماً للناس ،فيكون في الموقع المتقدم الذي يحرك أفكارهم ومواقفهم وأوضاعهم ،لأنه يمثل وحي الله مما يصلح أمر الأمة ويبعدها عن الفساد ،كما كان رحمةً في مضمونه العقيدي والتشريعي والحركي ،باعتبار أنه يفتح لهم أبواب الخير ،ويغلق عنهم أبواب الشرّ .
{وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدّقٌ} لما قبله من الكتب السماوية ،بما تسعى إليه في مضمونها من تثقيف تدريجي للناس ،وتوعية متحركة لهم ،تلاحق المتغيرات ،والحاجات الجديدة والمواقع المختلفة .ومضمون الكتاب ،في حقائقه الخالدة ،وفي مواقعه المتغيرة ،وفي لغته التي تتنوّع بتنوع مواقع الرسالة التي قد تفرض أن يكون بلغة الأمّة التي أرسل إليها ،لتكون طليعة الرسالة كما يكون الرسول طليعة الرسل ،هو تصديق لما قبله من كتب سماوية ،فقد جاء القرآن بعد التوراة ،فاحتوى في داخله الكثير من معانيها وشرائعها ،وصدّقها ،جملةً وتفصيلاً ،وكان{لّسَاناً عَرَبِيّاً} ينطق بلغة الرسول الذي نزل عليه ،وبلغة الأمّة التي نزل فيها ،{لّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} أنفسهم بالكفر والشرك والبغي والعدوان{وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} الذين عاشوا الإحسان في فكرهم إيماناً منفتحاً على الله وعلى الحياة ،كما عاشوه في حياتهم عملاً صالحاً والتزاماً بالصراط المستقيم .