/م10
المفردات:
لو كان خيرا ما سبقونا إليه: لو كان ما جاء به محمد من القرآن والإيمان خيرا ،ما سبقنا إليه المؤمنون .
وإذ لم يهتدوا به: أي بالقرآن العظيم .
إفك قديم: كذب من كذب الأولين .
التفسير:
11-{وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} .
سبب نزول هذه الآية دخول جماعة من الفقراء والضعفاء في الإسلام بمكة ،واعتزاز الأغنياء والأقوياء بمكانتهم ،وأنفتهم من الدخول في الإسلام ،خوفا على وجاهتهم ،ورغبة في الاستمرار في الزنا وشرب الخمر ،واستغلال الفقراء والضعفاء ،من أجل ذلك نزلت هذه الآية ترد عليهم ،وتحكي قولهم ،وتناقش تعسفهم .
والمعنى:
وقال الذين كفروا من أهل مكة ،أو من يهود المدينة: لو كان دين محمد حقا ،ما سبقنا إليه الفقراء والضعفاء والأراذل من الناس ،فنحن أغنياء وأقوياء وأمراء ،ولنا وجاهة عند الناس ،وما أعطانا الله هذه الوجاهة إلا ولنا وجاهة عنده ،وفي هذا المعنى قالوا:{لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} .( الزخرف: 31 ) .
وما علموا أن شرف النفوس واستعدادها لقبول الحق فطرة فطر الله الناس عليها ،فالهداية ليست قاصرة على الأغنياء كما زعموا ،بل هي منحة إلهية ،يهبها الله للنفوس الراغبة في الحق ،المشتاقة إلى الصدق ،التي تتبع الهدى عند ظهوره ،ولا تتكبر ولا تستنكف عن السير وراء الحق إذا ظهر نوره لها .
قال تعالى:{أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ...} ( الزمر: 22 ) .
لقد قاس هؤلاء أمر الدين على أمر الدنيا ،وما علموا أن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب ،ولا يعطي الدين إلا لمن يحب .
{وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} .
وحين لم تدخل الهداية إلى الإسلام قلوبهم ،ولم يستمعوا للقرآن استماع منصت متفهم ،ولم ينظروا للإسلام نظرة باحث راغب في معرفة الحق ،ولم يسيروا في طريق الهدى ،ولم يأخذوا في أسباب النظر والتفكر في هذا الدين ،فقد اخترعوا زيفا وبهتانا ،فقالوا: إن الإسلام والقرآن كذب قديم مفترى .
قيل لبعضهم: هل في القرآن: ( من جهل شيئا عاداه ) ؟قال: نعم ،قوله تعالى:{وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} .وقوله سبحانه:{بل كذبوا بما لم يجحدوا بعلمه ...} ( يونس: 39 ) .
من تفسير ابن كثير باختصار
{وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ...}
أي: قالوا عن المؤمنين بالقرآن: لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه ،يعنون ( بلالا ) و( عمارا ) و( صهيبا ) و( خبابا ) رضي الله عنهم ،وأشباههم من المستضعفين والعبيد والإماء ،ولقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ،وأخطأوا خطأ بينا ،كما قال تبارك وتعالى:{وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ...} ( الأنعام: 53 ) .
أي: يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ،ولهذا قالوا:{لو كان خيرا ما سبقونا إليه ...}
وقوله تعالى:{وإذ لم يهتدوا به} .أي: بالقرآن .
{فسيقولون هذا إفك قديم} .
أي: كذب قديم مأثور عن الناس الأقدمين ،فينتقضون القرآن وأهله ،وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه: ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) .
و( بطر الحق ) ،أي: دفعه وعدم قبوله ،و( غمط الناس ) ،أي: احتقارهم وازدراؤهم .