{وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَهُؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} فماذا يُمثِّل هؤلاء الآن أمام الهزيمة الّتي كشفت زيفهم ونفاقهم ،وماذا تُمثِّلون أنتم في مواقفكم المهتزة بفعل النتيجة المريرة من خيبة الأمل ؟إنَّ النهاية الأليمة هي التي تنتظر الجميع{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} وتحولت كل جهودهم إلى جهود ضائعة ،فلا مجال لديهم إلاَّ للحيرة والقلق والضياع ..
عبر لا بُدَّ منها للمسلمين
ويبقى للمسلمين الدرس العملي المتحرك في الواقع الَّذي يبعث فيهم روح الوعي والحذر للفئات الأخرى الّتي تختلف معهم في الدين والقضايا الحيويّة المتصلة بالعلاقات العامّة ،فلا يستسلمون للسذاجة العاطفيّة الّتي قد تجعلهم يسقطون تحت تأثير الخوف من المستقبل ،الَّذي قد يدفع الآخرين إلى الواجهة من السلطة ويرجع المسلمين إلى الخلف ،فيحاولون الارتباط بهم لحماية أنفسهم ،فيفقدون الكثير من صلابة الموقف واستقامة الخط ،في الوقت الَّذي لا يحصلون فيه على شيء مما قصدوه ،بل قد يحصلون على العكس من ذلك إذا انتصر المسلمون وانهزم الكافرون .إنَّ الارتباط السياسي والاقتصادي والديني بالأجانب أمر مرفوض من الإسلام نفسه ،لأنَّه قد يعرض المسلمين للوقوع في التهلكة السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة ،ويؤدي بهم إلى فقدان استقلالهم وقدرتهم على تقرير مصيرهم ،وهذا ما نلاحظه في هذه الأيام من تحوّل المسلمين إلى وجودٍ منسيٍّ في الواقع السياسي العالمي الَّذي يقوده المستكبرون في الأرض ،فلا يسمحون لهم بحريّة الحركة في سياستهم واقتصادهم وأمنهم في قليلٍ أو كثير .