/م51
{ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ} قرأ عاصم وحمزة والكسائي ( يقول ) بالرفع على أنه كلام مبتدأ معطوف على ما قبله عطف الجمل .وقرأه ابن كثير ونافع وابن عامر مرفوعا بغير واو على أنه جواب سؤال تقديره:فماذا يقول المؤمنون حينئذ ؟ وقرأه أبو عمرو ويعقوب بالنصب عطفا على ( يأتي ) أي فعسى أن يأتي بالفتح وأن يقول الذين آمنوا حينئذ{ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} أي يقول بعضهم لبعض متعجبين من عاقبة المنافقين:أهؤلاء الذين أقسموا بالله أغلظ الإيمان مجتهدين في توكيدها ، إنهم منكم أيها المؤمنون وعلى دينكم ، ومعكم في حربكم وسلمكم ؟ كما قال تعالى في سورة براءة التي فضحتهم{ ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هو منكم ولكنهم قوم يفرقون} [ التوبة:57] أي فهم لفرقهم وخوفهم يظهرون الإسلام تقية{ لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون} [ التوبة:58] أي يسرعون إسراع الفرس الجموع فرارا من الإسلام وأهله ، وتواريا عنهم ، واعتصاما منهم أو يقولون ذلك لليهود الذين كانوا يغترون بموالاة المنافقين ومودتهم السرية لهم ، ويظنون أنهم إذا نقضوا عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحاربوه يجدون منهم أعوانا وأنصارا بين المسلمين يقاتلون معهم ، أو يوقعون الفشل والتخذيل في جيش المسلمين لأجلهم .كما قال تعالى في سورة الحشر{ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب:لئن أخرجتم لنخرجن معكم ، ولا نطيع فيكم أحد أبدا ، وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} [ الحشر:11] الخ .
وقوله:{ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} يحتمل أن يكون من حكاية قول المؤمنين ، ويكون معناه بطلت أعمالهم التي كانوا يتكلفون نفاقا ليقنعوكم بأنهم منكم ، كالصلاة والصيام والجهاد معكم ، فخسروا ما كان يترتب عليها من الأجر والثواب لو صلح حالهم وقوي إيمانهم بها .قال الزمخشري وفيه معنى التعجيب كأنه قيل:ما أحبط أعمالهم وما أخسرها .ويحتمل أن يكون من قول الله عز وجل تعقيبا على قول المؤمنين .فهو شهادة منه تعالى بحبوط أعمالهم الإسلامية .إذ كانت تقية لا تقوى فيها ولا إخلاص ، وبخسرانهم في الدنيا بعد الفضيحة ، وفي الآخرة يوم الجزاء .
/خ53