{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} فليس القرآن مجرد كلماتٍ وآياتٍ تمنح الإنسان المفهوم الذي يختزنه العقل كنظرية ترقد إلى جانب النظريات الكثيرة التجريدية ،بل هو نور يشرق في العقل ليدفعه بعيداً عن ظلمات الفكر ،وشعاع ينفذ إلى الشعور ليبعده عن ظلمات العاطفة المنحرفة ،وينطلق إلى الحياة ليتحول إلى شعلةٍ تضيء للسائرين في الظلمات دروبهم إلى الخط المستقيم .
وهكذا يريد الله للقرآن أن يكون شمساً فكريةً وروحيةً وشعوريةً في حياة الإنسان المعنوية والحركية ،تماماً كما هي الشمس التي تضيء للكون كهوفه وزواياه ودروبه لتقتحم كل ظلام الليل .وبذلك ،فلا بد للعاملين في الحقل التربوي من أن يحركوا القرآن بطريقةٍ تجعل منه حالةً إشراقيةً في عقل الإنسان ووجدانه ،وروحه وشعوره ،وذلك من خلال الأساليب المليئة بالحيوية التي تنفذ إلى الروح ،كما تتحرك في العقل وتطرد الكثير من الشبهات والأضاليل التي تسيء إلى وضوح الرؤية للأشياء وتمنع الأجواء الضبابية التي تبعد الإنسان عن وعي الرسالة والرسول ،{وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} فتتحرك رأفته لتشرق في حياتكم روحاً وحباً وحناناً ،كما تنطلق رحمته لتضيء لكم دروب الحياة الطيبة الحرة الكريمة الواعية السائرة في خط الاستقامة في رحاب الله .