{بَدِيعُ}: البديع: بمعنى المبدع ،والفرق بين الإبداع والاختراع ،أن الإبداع فعل ما لم يسبق إلى مثله ،والاختراع فعل ما لم يوجد سببٌ له ،ولذلك يقال: البدعة لما خالفت السنّة ،لأنه إحداث ما لم يسبق إليه .ولا يقدر أحد على الاختراع غير الله تعالى ،لأن حدّه ما ابتدىء في غير محل القدرة عليه ،والقادر بقدرة إما أن يفعل مباشراً ،وهو ما ابتدىء في محل القدرة ،أو متولداً وهو ما يوقع بحسب غيره ولا يقدر على الاختراع أصلاً
بَدِيعُ السَّمَواتِ وَالأرْضِ} فإذا كان الله قد أبدع السموات والأرض ،في ما يعنيه الإبداع من القدرة المطلقة والغنى المطلق ،فكيف يمكن أن يكون له ولد ؟!{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} لما يمثله الولد من حاجةٍ وضعف ،فإن الإنسان ،في تمنيه للولد ،ينطلق من حاجة خفيّةٍ إلى الخلود ،وهو ما لا يستطيع تحقيقه غالباً إلا عبر أولاده الذين تمثل حياتهم امتداداً لحياته ،والله هو الخالق الحي الأبدي السرمديّ الذي لا معنى للحاجة لديه ولا معنى لمجرّد تصورّها فيه .
وإذا كان الولدفي مفهوم الناسهو نتيجة العلاقة بين الرجل والمرأة ،فكيف يمكن نسبته إلى الله{وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبه} ؟فذلك لا معنى له أيضاً ،لأن الحاجة إلى الصاحبة ،في مسألة الولد ،تنطلق من كونها وسيلة لإنجابه ،فكيف يتصوّر ذلك في الله الخالق لكل شيءٍ الذي يخلق ما يريده بشكل مباشرٍ{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ما يوحي بالسيطرة المطلقة لما تعنيه الإحاطة بخفايا الأشياء والقدرة عليها .