{وَقَالُواْ إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} قالواوهم في الدنياإن الحياة ليست إلا صَدَفةً ضائعةً في الفراغ تماماً كالفقاقيع التي تنتفخ في نطاق الظروف التي توحي بالانتفاخ وتستمر باستمرارها ثم لا تلبث أن تنفجر وتتلاشى كما لو كانت شيئاً لم يكن من دون أن تخلّف وراءها أيّ شيء ،أو تستقبل أمامها أيّ واقعٍ جديد .
هذه هي فكرة مادّية الحياة والإنسان ،حيث الوجود يتحرك بين عدمين ،فلا وجود بعدها ،كما لا وجود قبلها ..وبذلك لم تعد الرسالات تمثل لديهم شيئاً في ما تفرضه المسؤولية على الإنسان من أعمال ومواقف ،بل كل ما هناك ،أن للحياة حاجاتٍ لا بد من استكمالها والحصول عليها بأيّ ثمن ،بعيداً عن أيّة قيمةٍ روحيةٍ ،أو أيّ تفكير غيبيّ ،ولهذا لم يكلّفوا أنفسهم عناء التفكير بالغيب الذي حدّثهم الأنبياء عن آفاقه الرحبة ،في ما يمثله اليوم الآخر ،وتمثله الجنة والنار ،وما يعيشه الإنسان من رضوان الله ورحمته وعفوه وغفرانه .فالحياة باعتقادهم لا تحمل أي معنى ،وهي في كل مظاهرها وأوضاعها لا تجسد أو تعكس أية حقيقة أخرى ،فهي تبدأ هنا وتنتهي هنا ،وليس وراءها أي شيء إطلاقاً .واعتقادهم هذا يعبر عن أمنياتهم وليس عن الواقع كما هو في الحقيقة .