وتلك هي مشكلة الكافرينكما يصوّرها القرآن دائماًفهم يمارسون السلبيّة المطلقة أمام الفكر الحق الذي تقدمه الرسالات ،وذلك بالإعراض عنه وعن براهينه ودلائله وآياته من دون أساسٍ ،وبذلك لم تكن قضية التكذيب به قضية فكرٍ يناقشونه ويرفضونه ،بل هي قضية عقدةٍ ذاتية ضد الأمور الجادّة في الحياة ،فيعملون على أن لا يُلزموا أنفسهم بشيءٍ من ذلك ،وذلك بأن لا يواجهوا الموقف بالجدية التي تفرض التأمّل والمحاكمة والاقتناع ،فلا يفتحون عيونهم على ما يحتاج إلى بصر ،ولا يوجهون أسماعهم إلى ما يحتاج إلى سمع ،ولا يطلقون عقولهم في ما يحتاج إلى تفكير .وهذا ما نزال نلاحظه لدى كثير من شباب الجيل الذين ينحرفون عن الخط دون أن يحاولوا التعرف على ملامحه ،وذلك بالاستجابة إلى القراءة والتأمل والحوار ،بل هم يتخذون بدلاً من ذلك الموقف الذي يرفض بعض الأمور من دون دليل ،ويتقبل البعض الآخر من دون حجّة أو برهان .
وهذا ما أوضحه القرآن الكريم في قوله تعالى:{وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} .