{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ثم تعود الآية الثانية لتضع المسألة في نصابها الصحيح ..فليس المتقون مسؤولين عما يخوضه هؤلاء من الكفر والضلال ،بل إن الكافرين أنفسهم هم المسؤولون عن ذلك كله ،لأن الله لا يؤاخذ إنساناً بجريرة غيره ،ولكنه أرادها ذكرى لهؤلاء ،وصدمةً عمليّة لهم من قِبَل المتقين عندما يواجهونهم بالموقف السلبي الرافض الذي يوحي إليهم بأن الأجواء من حولهم ليست ملائمةً لتوجهاتهم .فقد يدفعهم ذلك إلى التفكير الواعي العميق ،فيدخلون معه في حسابات جديدةٍ ،تثير أمامهم أجواء التقوى التي أراد الله للناس أن يعيشوا فيها بما تمثله من الصراط المستقيم .
وهكذا نجد أن الله أراد للمؤمن أن يتحرك في موقفه من نقطتين: نقطة الالتزام الذاتي بالفكرة على مستوى الحياة العملية ،ونقطة التذكير الدائم للآخرين بالانحرافات التي تتمثل في خطواتهم العملية ،من أجل أن يثير التقوى فكراً وجوّاً وحركةً في وعي الإنسان .