{وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} الذين تميزت حياتهم بالروحانية الصافية في أسلوب العيش وفي حركة العلاقات ،وبالوداعة الطاهرة التي كانت تتفايض في عيونهم إشراقاً وحباً ورحمةً للعالمين ،وبالانقطاع عن زخارف الدنيا ،كمظهر من مظاهر الوقوف ضد المادية المفرطة المتمثلة في عصرهم ،ليتحقق للحياة التوازن بين الأسلوب الروحي والأسلوب المادي في الحياة ،فتعيش الروح واقعيّة المادة كما تعيش المادة مثالية الروح ؛وبذلك لا يبتعد الواقع العملي للناس عن آفاق الله ..
وقد لا يتحقق ذلكفي بعض الحالاتمن خلال المواعظ والنصائح ،بل يحتاج إلى المثل الحيّ الذي يمثّل القدوة الحسنة ،لأن الفكرة إذا لم تتحول إلى تجسيدٍ عملي في الشخص ،فإنها لا تترك تأثيرها العميق في حركة الواقع ..ولذلك كانت النماذج المفرطة في المادية ،تحتاج إلى حركة تمثل الإفراط في المظهر الروحي الرافض لعبودية المادة وليس للمادة نفسها ،فالمادة من مستلزمات الحياة التي يريد الدين بناءها ،خلافاً لما يحاول البعض اتهام الدين به من مثالية خيالية لا تمتّ إليه بصلة .