{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} عندما تبسط أجنحتها في الفضاء حال الطيران{وَيَقْبِضْنَ} أجنحتهن ،فلا يسقطن بل يبقين في حالة تماسك ،{مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ} بما أودع في خلقهن وفي الهواء الذي يتحركن معه من قوانين تكفل لهن التحرك بكل أمنٍ وحرّية من دون حاجةٍ إلى أي شيء يتعلقن به حتى لا يسقطن ،تماماً كما هي بقية الأشياء من الظواهر الكونية المعلقة في السماء من دون عمدٍ ،ومن المخلوقات الحية في حركتها ،ومن الأرض كيف يمسكها من أن تزول ،ليدرس الإنسان المسألة في نطاقها الظاهري الذي يتعلق به البصر في نظراته البسيطة ،ليدفعه ذلك إلى التفكير بالأسرار الإلهية التي أودعها الله في القوانين الطبيعية في الوجود ،ليكتشف ذلك من خلال بحثه وتدقيقه ،ليعرف بذلك عظمة الله ،{إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} فلا يغيب عنه شيءٌ من خلقه .
وقد جاء في الكشاف: «فإن قلت: لِمَ قيل: ويقبضن ،ولم يقل: وقابضاتٍ ؟قلت: لأن الأصل في الطيران هو صف الأجنحة ،لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء ،والأصل في السباحة مدّ الأطراف وبسطها ،وأمّا القبض فطارىءٌ على البسط للاستظهار به على التحرك ،فجيء بما هو طار غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنهن صافّاتٍ ،ويكون منهن القبض تارة بعد تارةٍ ،كما يكون من السابح »[ 1] وهو توجيه طريف .