{مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} فقد أنعم الله عليك بالعقل الواسع الذي جعلك في مستوى الذروة من القيادة ،حيث اصطفاك الله من خلاله لرسالته ،لتكون الرسول الذي يتلقى الوحي بعقله ليديره في فكره ،ليعرف كيف يبلّغه ،وكيف يحركه ،وكيف يوجه الناس إلى الآفاق الرحبة من خلاله ،وكيف يجعل منه المنطلق لثقافة الحياة وحركتها في الطريق التي يفتحها نحو الغاية التي يحدّدها ،وليصنع منها الكثير مما تتنوع فيه مصادرها ومواردها ،ليكون العنوان الذي يمنح الإنسان المعرفة الواسعة العميقة التي تتنوع وتتحرك لتقرّبه إلى الله ،ولتجعله الجدير بأن يكون خليفته في الأرض ،من موقع الطاعة والدعوة والحركة والانطلاق .
ولذلك فإن الكلمات التي تتهمك بالجنون ،لا تملك عمقاً ،في ما هو العمق من شخصيتك ،ولا تملك سطحاً في ما هو السطح من حركة حياتك ،ولا تملك الأفق في ما هو الأفق من امتدادات فكرك وانطلاقات وعيك وإيمانك ،فلا قيمة لها مهما أثارت من الأجواء المعقّدة أو حركت من المواقع الملتوية ،لأن الله يشهد لك بكفاءة العقل فيك ،وبنفي الخلل عنك .