{أَخَذْنَآ}: الأخذ هو التناول باليد ،والمراد به هنا الابتلاء .
{بِالسِّنِينَ}: السنون جمع سنة ،وهي القحط والجدب ،وكان أصله سنة القحط ،ثم قيل السنة إشارة إليها ،ثم كثر الاستعمال حتى تعينت السنة لمعنى القحط والجدب
نهاية فرعون
وجاء العذاب الذي يمثّل بداية النهاية لفرعون وقومه ،ويفتح المجال لبداية أخرى في اتجاهٍ معاكسٍ وهي انتصار موسى وقومه ،فكيف كانت البداية ؟{وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءالَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ} ،وهي كناية عن الجدب الذي يتوالى في كل سنة ،أو يتنوّع ضعفاً وقوّةً بين سنةٍ وأخرى ،مما يربك الوضع الاقتصادي على مستوى التغذية والتنمية ،ويضعف بالتالي قدرة الحكم على مواجهة المشاكل بطريقةٍ سهلةٍ عمليةٍ ،ويؤدي إلى ضعف السلطة وعدم الثقة بها ،ويدفع الناس الذين يعيشون مشاكل الجدب في الزراعة والنقص في الثمرات ،للجوء إلى الله في رفع ذلك عنهم وإنقاذهم منه ،لأن قضايا الخصب والجدب لا تخضعدائماًللأسباب العادية التي يملك الناس أمر التحكم فيها سلباً وإيجاباً .
وقد لا يكون من الضروريّ أن يكون هذا البلاء عقاباً مباشراً لهؤلاء بالمعنى الغيبيّ للعقاب ،فقد يكون الأمر خاضعاً لأوضاع طبيعية كونية ،ولكنّ الله سبحانه يريد لعباده في هذه الأمور أن يرجعوا إليه ،ويلجأوا إلى رحمته ،ويعرفوا بأن الله القادر على أخذ الناس بهذا البلاء من خلال قوانينه وسننه ،هو القادر على إنقاذهم من ذلك بقوانينه وسننه ،في ما يعرفه الناس منها مما أعطاهم سرّ معرفته ،وفي ما لم يعرفه الناس مما اختص الله بعلمه .{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} ،فيتراجعون عن تمرّدهم وعتوّهم واستكبارهم ،وينسجمون مع نداء رسله للسير على خطّ رسالاته الداعية إلى عبادته وحده في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة ،ولكنهم لم يتذكّروا ،بل كانوا يواجهون الموضوع بطريقةٍ أخرى .