{وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} أي لا تشعر بالمنّ على الناس عندما تكابد الجهد في الدعوة ،وفي الرعاية والخدمة ،لتحس بأنك قدمت الكثير عندما تجد ما أعطيته لهم كثيراً ،في إحساسٍ بالعجب في داخل الذات ،وبالإذلال للناس ،بل لا بد لك من الشعور بأن ذلك كلّه يمثّل مسؤوليتك التي حمّلك الله إياها في ما أولاك من نعمه ،باعتبار أن ذلك من حقّ الله عليك الذي لا بدّ لك من أن تقوم به طلباً لرضاه وشكراً لنعمه ،وأنه من حق الناس عليك ،أمرك الله بأدائه إلى كل من يحتاج الهداية والرعاية والعناية ،وبذلك لا يبقى هناك معنًى للمنِّ ،ما دام ذلك هبةً من الله ،ولا معنى للاستكثار ،لأن الله يريد للإنسان أن لا يُخرج نفسه من حدّ التقصير ،فلا يبلغ درجةً إلاَّ ويحاول أن يرتفع إلى ما هو أعلى منها ،ولا يقوم بعطاءٍ إلا ويجد من نفسه ضرورة التوفّر على عطاءٍ أكثر منه .