{بِالْعُدْوَةِ}: جانب الوادي ،أو شفيره .
{الدُّنْيَا}: مؤنّث أدنى ،وهو الأقرب .
{الْقُصْوَى}: مؤنث الأقصى ،وهو الأبعد .
{وَالرَّكْبُ}: جمع راكب .وقيل هو البعير الذي كان عليه أبو سفيان ابن حرب .
{بَيِّنَةٍ}: حجّة ظاهرة .
الرعاية الإلهية لمعركة بدر
وهذه بعض الآيات التي تتحدث عن الأجواء التي هيّأها اللهسبحانهللمسلمين ،من أجل نصرهم على المشركين في بدر ،ليحسُّوا برعاية الله لهم في ما يخوضونه من معارك ،أو يواجهونه من تحدّيات .{إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} وهي شفير الوادي الأقرب إلى المدينة ،الذي اتخذه المسلمون موقعاً عسكرياً لهم .{وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} وهي الجانب الأبعد .{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} وهم الذين كانوا مع القافلة التي تحمل تجارة قريش بقيادة أبي سفيان ،فقد استطاع أن يبتعد إلى الساحل الذي هو أسفل منهم ،حتى هرب بها بعيداً عن المسلمين .
{وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} لأن المسلمين لم يخرجوا لقتال قريش ،بل ليتعرضوا للقافلة ،كما أن المشركين خرجوا لحماية القافلة ،وقد كانت المواجهة بينهما في المعركة غير منتظرةٍ ،ودون اتفاق أو تواعدٍ على مكانٍ خاص أو زمانٍ خاص .وربما كان التواعد السابق موجباً للاختلاف في الميعاد ،لأن ذلك قد يخلق حالةً من الاستعداد الذي يؤخر أحدهما عن الآخر ،وربما يوجب بعض التردد والتراجع لدى الخائفين المترددين ،في ما لو علموا أن هناك معركةً حربيةً تنتظرهم في مسيرهم هذا .وقد يكون في هذا الموقع الذي اتخذه المشركون ،الذي يتميز بالصلابة والقرب من الماء ،والموقع الذي اتخذه المسلمون ،الذي يتميز بالرمل المتحرك والبعد عن الماء ،إشارةً إلى أنّ النصر لم يكن حاصلاً من الأسباب الطبيعية التي تفرض الانتصار لمراكز القوى ،لأنّ القضية كانت عكسيّة ،لأن المواقع العسكرية لا توحي بانتصار المسلمين .{وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} فقد أرادسبحانهأن يهيّىء الجوَّ الملائم الذي تتحرك فيه المعركة باتجاه النتائج المفاجئة التي توحي بالرعاية الإلهية في ما تمثله من حجةٍ للإيمان على الكفر ،وللمؤمنين على المشركين ،{لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ} .وربما كان المراد من الهلاك الكفر أو الضلال ،باعتباره سبباً للهلاك الأخروي أو الدنيوي ،في ما يقتضيه من أوضاعٍ سلبيّةٍ لأصحابه .{وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} في ما يمثله الإيمان من حياة روحية ،في ما يحسّه الإنسان المؤمن من حياةٍ مطمئنة ،أو في ما ينتهي إليه من حياة النعيم في الآخرة .فقد أراد الله للمؤمنين أن ينفتحوا على الإيمان من موقع الحجة لهم على الآخرين ،كما أراد أن يقيم الحجة على الكافرين في ما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً .{وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} ،فهو الذي يسمع دعوات المؤمنين واستغاثتهم ،ويعلم ضعفهم وحاجتهم للتأييد والنصر .