{فَانبِذْ}: النبذ: الطرح .ويُقال: إلقاء الخبر إلى من لا يعلمه .
الوفاء بالعهد هو الأصل
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} وذلك بظهور علامات الخيانة للمواثيق ،بما يصدر منهم من أقوال وتحركاتٍ توحي بوجود خطةٍ جديدة للتمرّد والعدوان ،{فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَآءٍ} أي ألق إليهم عهدهم ،لأنهم بدأوا بذلك في ما تحركوا به ضدّك ،مما يُعتبر مخالفةً للعهد ونقضاً له ،الأمر الذي يجعلك في حلٍّ من عهدك{عَلَى سَوَآءٍ} أي على أساس العدل والمعاملة بالمثل ،وذلك ما يوحي به الإسلام في شريعة العهد مع الآخرين .فالوفاء بالعهد هو الأصل والأساس ،فإذا بدرت الخيانة منهم كان وليّ الأمر في حلٍّ من عهده ،فينذرهم بإلغاء العهد ليكونوا على بيّنةٍ من أمرهم ،ويبدأ التصرف معهم بما يناسب المقام ،لأنهم خانوا الله ورسوله .
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} لأن هؤلاء لا يمثِّلون التوازن الروحي والعملي الذي تقوم عليه الحياة وتتحرك به في الاتجاه السليم .وفي هذا إيحاءٌ للمؤمنين بأن عليهم أن يعيشوا في داخلهم الرفض النفسي والعاطفي للخائنين ،لأن مشاعرهم لا بد من أن تكون منسجمةً مع الخط الإلهي المحدد للخط الشعوري لحركة الإنسان في الحياة ؛فيحبون من يحبهم الله ،لأن الله لا يحب إلا الطيبين المخلصين ؛ويبغضون من يبغضهم الله ،لأنه لا يبغض إلا المنحرفين الخائنين ...وبذلك لا يعيش المؤمن الازدواجية بين قناعاته ومشاعره ،كما يعيش ذلك بعض الناس عندما تتجه مشاعرهم في غير اتجاه قناعاتهم ،لأن المؤمن يمثل الوحدة في الفكر والعاطفة والحياة .