{انبِعَاثَهُمْ}: الانبعاث: الانطلاق بسرعة في الأمر .
{فَثَبَّطَهُمْ}: أوقفهم عن الأمر بالتزهيد فيه .
إرادة الخروج تستلزم إعداد العدة
ويمضي القرآن في تصوير خصائصهم النفاقيّة ،في أسلوب واضح يكشف حقيقة الزيف الذي يحاولون تغطيته بالمظاهر الخادعة:{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً} في بداية الأمر ،قبل أن يأخذوا الإذن والرخصة من النبي( ص ) ،تماماً كأي شخص يعيش قضيّة الطاعة في الجهاد الشامل الذي لم يستثنِ فيه الله أحداً ،إلاّ من كان له عذرٌ ضاغطٌ في نطاق الظروف الصعبة المحيطة بالشخص جسديّاً وعقليّاً .ولكنهم لم يبدوا أيّ استعداد يوحي بالجديّة في الموقف والصدق في العزيمة ،انطلاقاً من الحالة النفسية المعقّدة التي تتحكم فيهم فتمنعهم من التحرك في الاتجاه السليم ،{وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ} لأنه اطلّع على مكامن العقدة في نفوسهم{فَثَبَّطَهُمْ}وأخرهم عن الخروج{وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} العاجزين ،أو المتكاسلين الذين لا يعيشون مسؤولية القضايا الكبيرة ،في ما يفرضه الإيمان على الإنسان في الحياة .وقد أوضحناأكثر من مرةأنّ نسبة تأخير الأشياء إلى الله في أعمال السوء التي يقوم بها الإنسان ،لا تمثِّل حالةً جبريّة قسريّة في حركة الإرادة لدى الإنسان ،بل تمثل الحالة التي يملك فيها الإنسان موقع السبب المباشر في المسألة ،التي ترتبط بأدوات العمل وقانون السببيّة الذي تربط بين الأشياء ومقدماتها .