)أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ) ( البقرة:16 )
التفسير:
قوله تعالى:{أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى}؛ "أولاء "اسم إشارة ؛والمشار إليهم المنافقون ؛وجاءت الإشارة بصيغة البُعد لبُعد منزلة المنافق سفولاً ؛و{اشتروا} أي اختاروا ؛و{الضلالة}: العماية ؛وهي ما ساروا عليه من النفاق ؛و{بالهدى}: الباء هنا للعوض ؛أخذوا الضلالة ،وأعطوا الهدى .مثلما تقول: اشتريت الثوب بدرهم ؛فالهدى المدفوع عوض عن الضلالة المأخوذة ،كما أن الدرهم المدفوع عوض عن الثوب المأخوذ ..
قوله تعالى:{فما ربحت تجارتهم} أي ما زادت تجارتهم .وهي اشتراؤهم الضلالة بالهدى ..
قوله تعالى:{وما كانوا مهتدين} أي ما كانوا متصفين بالاهتداء حينما اشتروا الضلالة بالهدى ؛بل هم خاسرون في تجارتهم ضالون في منهجهم ..
الفوائد:
. 1من فوائد الآية: بيان سفه هؤلاء المنافقين ،حيث اشتروا الضلالة بالهدى ..
. 2ومنها: شغف المنافقين بالضلال ؛لأنه تبارك وتعالى عبر عن سلوكهم الضلال بأنهم اشتروه ؛والمشتري مشغوف بالسلعة محب لها ..
. 3ومنها: أن الإنسان قد يظن أنه أحسنَ عملاً وهو قد أساء ؛لأن هؤلاء اشتروا الضلالة بالهدى ظناً منهم أنهم على صواب ،وأنهم رابحون ،فقال الله تعالى:{فما ربحت تجارتهم} ..
. 4 ومنها: خسران المنافقين فيما يطمعون فيه بالربح ؛لقوله تعالى: ( فما ربحت تجارتهم ..
. 5ومنها: أن المدار في الربح ،والخسران على اتباع الهدى ؛فمن اتبعه فهو الرابح ؛ومن خالفه فهو الخاسر ؛ويدل لذلك قوله تعالى:{والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [ العصر: 1 .3] ،وقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [ الصف: 10 ،11]: تقف على{خير لكم}؛لأن{إن كنتم تعلمون} إذا وصلناها بما قبلها صار الخير معلقاً بكوننا نعلم .وهو خير علمنا أم لم نعلم ..
. 6 .ومن فوائد الآية: أن هؤلاء لن يهتدوا ؛لقوله تعالى:{وما كانوا مهتدين}؛لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ؛ولذلك لا يرجعون ؛وهكذا كل فاسق ،أو مبتدع يظن أنه على حق فإنه لن يرجع ؛فالجاهل البسيط خير من هذا ؛لأن هذا جاهل مركب يظن أنه على صواب .وليس على صواب ..