قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة:( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) قال:أخذوا الضلالة وتركوا الهدى .
وقال [ محمد] بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس:( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) أي:الكفر بالإيمان .
وقال مجاهد:آمنوا ثم كفروا .
وقال قتادة:استحبوا الضلالة على الهدى [ أي:الكفر بالإيمان] . وهذا الذي قاله قتادة يشبهه في المعنى قوله تعالى في ثمود:( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) [ فصلت:17] .
وحاصل قول المفسرين فيما تقدم:أن المنافقين عدلوا عن الهدى إلى الضلال ، واعتاضوا عن الهدى بالضلالة ، وهو معنى قوله تعالى:( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) أي بذلوا الهدى ثمنا للضلالة ، وسواء في ذلك من كان منهم قد حصل له الإيمان ثم رجع عنه إلى الكفر ، كما قال تعالى فيهم:( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم ) [ المنافقون:3] ، أو أنهم استحبوا الضلالة على الهدى ، كما يكون حال فريق آخر منهم ، فإنهم أنواع وأقسام ؛ ولهذا قال تعالى:( فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) أي:ما ربحت صفقتهم في هذه البيعة ، ( وما كانوا مهتدين ) أي:راشدين في صنيعهم ذلك .
قال ابن جرير:حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ( فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) قد - والله - رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة ، ومن الجماعة إلى الفرقة ، ومن الأمن إلى الخوف ، ومن السنة إلى البدعة . وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، من حديث يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، بمثله سواء .