/م200
قوله تعالى:{من يقول ربنا آتنا في الدنيا} أي أعطنا في الدنيا ؛والمفعول محذوف ؛والتقدير: آتنا نصيبنا في الدنيا ،بحيث لا يسأل إلا ما يكون في ترف دنياه فقط ؛ولا يسأل ما يتعلق بالدين ؛وربما يكون قوله تعالى:{ربنا آتنا في الدنيا} شاملاً للقول باللسان ،والقول بالحالأي قد يقول صراحة -: ربنا آتنا في الدنيا مثلاً سكناً جميلاً ؛سيارة جميلة ؛وما أشبه ذلك ؛وربما يقوله بلسان الحال لا بلسان المقال ؛لأنه إذا دعا في أمور الدنيا أحضر قلبه ،وأظهر فقره ؛وإذا دعا بأمور الآخرة لم يكن على هذه الحال .
قوله تعالى:{وما له في الآخرة من خلاق}؛{ما} نافية ؛و{مِن خلاق} مبتدأ ؛وخبره الجار والمجرور:{له} ؛ودخلت{مِن} على المبتدأ من أجل توكيد العموم ؛لأن{خلاق} نكرة في سياق النفي تفيد العموم ؛فإذا دخلت عليها{مِن} كان ذلك تأكيداً للعموم ؛و «الخلاق » بمعنى النصيب ؛يعني ما له في الآخرة من نصيب ؛لأنه لا يريد إلا الدنيا ؛فلا نصيب له في الآخرة مما دعا به ؛وقد يكون له نصيب من أعمال أخرى .
قوله تعالى:{ومنهم} أي ومن الناس .
قوله تعالى:{من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة}؛{حسنة}: مفعول «آتِ » الثاني ؛وأما{حسنة} الثانية فهي معطوفة على الأولى ؛يعني من الناس من تكون همته عليا يريد الخير في الدنيا ،والآخرة ؛يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة ،وفي الآخرة حسنة ؛وحسنة الدنيا كل ما يستحسنه الإنسان منها ،مثل الصحة ،وسعة الرزق ،كثرة البنين ،والزوجات ،والقصور ،والمراكب الفخمة ،والأموال ؛وأما حسنة الآخرة فقيل: إنها الجنة ؛لقوله تعالى:{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [ يونس: 26]؛ولا شك أن الحسنة العظمى في الآخرة هي الجنة ؛لكن في الآخرة حسنات يستحسن المرء وقوعها غير الجنة ،مثل أن يبيض وجهه ،وأن تثقل موازينه ،وأن يعطى كتابه بيمينه ؛فإنه إذا أعطي الكتاب بيمينه يقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه فرحاً مسروراً .
قوله تعالى:{وقنا عذاب النار} أي اجعل لنا وقاية من عذاب النار ؛وهذا يشمل شيئين:
الأول: العصمة من الأعمال الموجبة لدخول النار .
الثاني: المغفرة للذنوب التي توجب دخول النار .
/خ201