{ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} .
/م200
المفردات:
حسنة الدنيا: هي العافية أو المرأة الصالحة أو الأولاد البررة ،أو العلم والمعرفة .
حسنة الآخرة: هي الجنة أو رؤية الله تعالى والأولى التعميم في كل هذا .
التفسير:
إنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء ثم يطلبون الحسنة في الدارين ولا يحددون نوع الحسنة ،بل يدعون اختيارها لله والله يختار لهم ما يراه حسنة لهم .
حسنة في الدنيا والآخرة:
قال القرطبي: واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة ،فروى عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء وفي الآخرة الحور العين .
{وقنا عذاب النار}: المرأة السوء .
وقلت وهذا فيه بعد ولا يصح عن علي لأن النار حقيقة في النار المحرقة وإطلاق المرأة على النار تجوز .
وقال قتادة: حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال .وقال الحسن: حسنة الدنيا العلم والعبادة وقيل غير هذا .
والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة ،وهذا هو الصحيح فإن اللفظ يقتضي هذا كله .
فإن حسنة: نكرة في سياق الدعاء ،فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل ،وحسنة الآخرة الجنة بإجماع .
وقيل: لم يرد حسنة واحدة ،بل أراد أعطنا في الدنيا حسنة فحذف الاسم( 125 ) .
فضل الدعاء بهذه الآية:
هذه الآية من جوامع ادعاء لأنها جمعت بين خيرا الدنيا والآخرة .
وفي الصحيحين عن أنس قال:"كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"قال: فكان أنس إذا أراد أن يدعو دعا بها فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه( 126 ) .
وقد ذكرت الآيتان من يطلب الدنيا وحدها ،ومن يطلبها في الآخرة ،ولم تذكر من يطلب الآخرة وحدها لأن الدنيا مزرعة الآخرة ،وهي نعم المطية في الجنة ،والضرب في مناكبها طلبا للرزق عبادة والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف .
وفي الآية إيماء إلى أن الغلو في الدين والتشدد فيه مذموم خارج سنن الفطرة وقد نهى الله أهل الكتاب عند وذمهم عليه .ونهى الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
{وقنا عذاب النار} أي احفظنا من عذابها بالتوفيق للطاعة ،والتنفير من المعصية .