{ ) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) ( البقرة:205 )
التفسير:
قوله تعالى:{وإذا تولى} أي عنك ،وذهب{سعى في الأرض}: المراد بالسعي هنا مطلق الحركة ؛وليس المراد بالسعي الركض بالرِّجل ؛{ليفسد فيها} أي بالمعاصي ،والكفر ،والفتنة .
قوله تعالى:{ويهلك الحرث والنسل} أي يكون سبباً لإهلاكهما ؛لأن المعاصي سبب لذلك ؛لقوله تعالى:{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [ الروم: 41] ،ولقوله تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} [ الأعراف: 96]؛والمراد ب{الحرث} المحروث ؛وهو الزروع ،كما يقال: «الغرس » يعني المغروس ؛والمراد ب{النسل} مثلها أيضاًيعني: المنسول ؛وهو الأولاد ؛يعني: يكون سعيه سبباً لفساد الحرث ،والحيوانات .
قوله تعالى:{والله لا يحب الفساد} بيان أن عمله هذا مكروه إلى الله ؛لأن الله لا يحب الفساد ؛وإذا كان لا يحب هذا الفعل فإنه لا يحب من اتصف به ؛ولهذا جاء في آية أخرى ؛{والله لا يحب المفسدين} [ المائدة: 64]؛فالله لا يحب الفساد ،ولا يحب المفسدين ؛فالفساد نفسه مكروه إلى الله ؛والمفسدون أيضاً مَكروهون إليه لا يحبهم .
الفوائد:
1من فوائد الآية: أن المعاصي سبب لهلاك الحرث ،والنسل ؛لقوله تعالى:{وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل} [ البقرة: 205]؛وهذا كقوله تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} [ الأعراف: 96] .
2ومنها: إثبات محبة الله عزّ وجلّ للصلاح ؛لقوله تعالى{والله لا يحب الفساد}؛فإن قيل: هذا نفي ،وليس بإثبات ؛قلنا: إن نفيه محبة الفساد دليل على ثبوت أصل المحبة ؛ولو كان لا يحب أبداً لم يكن هناك فرق بين الفساد ،والصلاح ؛فلما نفى المحبة عن الفساد علم أنه يحب الصلاح .
3ومنها: التحذير من الفساد في الأرض ؛لقوله تعالى:{والله لا يحب الفساد}؛ومعلوم أن كل إنسان يجب أن يكون حذراً من التعرض لأمر لا يحبه الله .