)وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) ( البقرة:43 )
التفسير:
قوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} أي ائتوا بها مستقيمة بشروطها ،وأركانها ،وواجباتها ،ومكملاتها ؛وهذا كما أمر الله تعالى به بني إسرائيل أمر به هذه الأمة ؛و{الصلاة} هنا تشمل الفريضة ،والنافلة ..
قوله تعالى:{وآتوا الزكاة} أي أعطوا الزكاة ؛و"آت "التي بمعنى"أعطِ "تنصب مفعولين ؛المفعول الأول هنا الزكاة ؛والمفعول الثاني محذوف ؛والتقدير: أهلَها ؛و{الزكاة} هي المال المدفوع امتثالاً لأمر الله إلى أهله من أموال مخصوصة معروفة ؛وسمي بذل المال زكاة ؛لأنه يزكي النفس ،ويطهرها ،كما قال الله تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [ التوبة: 103] ..
قوله تعالى:{واركعوا مع الراكعين} أي صلوا مع المصلين ؛وإنما قلنا ذلك ؛لأنه لا يُتعبد لله بركوع مجرد
الفوائد:
. 1من فوائد الآية: أن الصلاة واجبة على الأمم السابقة ،وأن فيها ركوعاً كما أن في الصلاة التي في شريعتنا ركوعاً ؛وقد دلّ على ذلك أيضاً قول الله تعالى لمريم:{يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [ آل عمران: 43]؛فعلى الأمم السابقة صلاة فيها ركوع ،وسجود ..
. 2ومنها: أن الأمم السابقة عليهم زكاة ؛لأنه لابد من الامتحان بالزكاة ؛فإن من الناس من يكون بخيلاً .بذل الدرهم عليه أشد من شيء كثير .؛فيُمتحَن العباد بإيتاء الزكاة ،وبذلِ شيء من أموالهم حتى يُعلم بذلك حقيقة إيمانهم ؛ولهذا سميت الزكاة صدقة ؛لأنها تدل على صدق إيمان صاحبها ..
. 3ومنها: الإجمال في موضع ،وتبيينه في موضع آخر ؛لقوله تعالى: ( وآتوا الزكاة ) ولم يبين مقدار الواجب ،ولا من يدفع إليه ،ولا الأموال التي فيها الزكاة ؛لكن هذه الأشياء مبينة في موضع آخر ؛إذ لا يتم الامتثال إلا ببيانها ..
. 4ومنها: جواز التعبير عن الكل بالبعض إذا كان هذا البعض من مباني الكل التي لا يتم إلا بها ؛لقوله تعالى: ( واركعوا مع الراكعين )
. 5ومنها: وجوب صلاة الجماعة ؛لقوله تعالى:{واركعوا مع الراكعين}؛هكذا استدل بها بعض العلماء ؛ولكن في هذا الاستدلال شيء ؛لأنه لا يلزم من المعية المصاحبة في الفعل ؛ولهذا قيل لمريم:{اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين}: والنساء ليس عليهن جماعة ؛إذاً لا نسلم أن هذه الآية تدل على وجوب صلاة الجماعة ؛ولكن .الحمد لله .وجوب صلاة الجماعة ثابت بأدلة أخرى ظاهرة من الكتاب ،والسنة ،وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ..