وإذا جادلك اليهود في شأن عيسى بعد هذا التنزيل فقل لهم: تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم ندعوا أن يصب الله لعنته على الكاذبين .
وقد روي أن النجرانيّين لما دُعوا إلى المباهلة قالوا لسيّدهم العاقب: ما ترى ؟فقال: والله لقد عرفتم نبوته ،وها قد جاءكم بالفصل في أمر عيسى .والله ما باهلَ قوم نبياً إلا هلكوا ،فإن أبيتم أن تبقوا على دينكم فوادِِِعوا الرجل وانصرفوا .
فأتوا رسول الله محتضناً حفيده الحسين ،والحسن وفاطمة وعليّ يمشون خلفه وهو يقول لهم: إذا أنا دعوت فأَمِّنوا ،فلما رآهم كبير النصارى قال لقومه: إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلاً لأزاله ،فلا تباهلوا فتهلكوا .
وفي صحيح البخاري ومسلم أن العاقب والسيّد أتيا رسول الله فأراد أن يلاعنهما .فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه ،فو الله لئن كان نبيا فلاعنَنا لا نفلح أبدا ،فقالا له: نعطيك ما سألت ،فابعث معنا رجلاً أمينا ،فقال: قم يا أبا عبيدة ،أنت أمين هذه الأمة .
وفي هذا التحدي ما يدل على قوة يقين صاحبه وثقته بما يقول ،أما امتناع نصارى نجران عن المباهلة فدليلٌ على شكّهم في موقفهم وكونهم على غير بينة فيما يعتقدون .