المفاتح: جمع مفتح بفتح الميم ،ومفتاح .
بعد أن أمر الله تعالى الرسول أن يبين للمشركين أنه على بينة من ربه فيما بلّغهم من الوحي ،وأن ما يستعجلونه من العذاب ليس عنده ،وأن الله تعالى يقضي الحق ويقصه على رسوله ،عَمَد إلى وصف حقيقة الألوهية في مجال عميق من مجالاتها الفذة ،هو مجال الغيب المكنون .فيقول:
وعند الله علمُ جميع المغّيبات ،لا يحيط بها علماً إلا هو وحده ،ومن أظهره هو على بعض العلم كما جاء في سورة الجن{عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ} .
والمغّيبات قسمان:
مغيبات مطلقة لا يمكن أن يصل إليها العقل الإنساني ،ومنها ما يقع للإنسان في المستقبل من حوادث تتعلق به .
ومغيبات نسبية ،وهي ما يتعلق بأسرار الكون وما فيه ،وتسخيره لخدمة الإنسان ،فإن العلم بها قد يغيب أجيالا ثم يظهر من بعد .ومفاتح هذه المغيبات أيضا بيد الله ،يوفّق إليها من يشاء من عباده الذين يتعمقون في دراسة الكون .ومن ذلك الاختراعاتُ التي نرى بعض الناس يصلون إليها بعد جهد جهيد بتوفيق الله .
روى البخاري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الغيْبِ خَمْس: إن الله عندَهُ عِلمُ الساعةِ ،ويُنَزّلُ الغيْثَ ،ويعلَمُ ما في الأرحامِ ،وما تَدري نفسٌ ماذا تَكسِبُ غَداً ،وما تَدرِي نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت ،إن الله عَلِيمٌ خَبير » .
ويحيط علم الله كذلك بجميع الموجودات في البر والبحر ،ولا تسقط ورقة عن شجرةً إلا بعلمه ،ولا حبة ما في باطن الأرض ،ولا شيء رطب ولا يابس ،إلا هو في اللوح المحفوظ عند الله .
والخلاصة ،إن عند الله عِلمَ ما لا تعلمونه ،وعنده علم ما يعلمه جميعهم ،فهو يعلم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة .