بعد أن أمر الله تعالى المؤمنين بطاعة الله والرسول الكريم ،وأن يتوكلوا عليه ،ولا يعتمدوا غير ذلك ،جاء هنا في هذه الآية الكريمة يهذّبهم ويعلّمهم بألطف توجيه ،أنَّ الأولادَ والزوجات فتنة للإنسان إذا ما شُغل بهم وانصرف يجمع المالَ لهم ويكدّسه ،لا همّ له إلا النفقة عليهم ،باتَ مثل الحيوان في الغاب ،فان الأسد يفترسُ حتى يطعم عياله ،وكذلك بقية الحيوانات .
فالله تعالى يهذّبنا ويعلّمنا بأنّ علينا أن نُعِين المحتاجين ،ونعمل الخيرَ ونساعدَ في أعمال البرّ وبناء مجتمعنا ،فلا نعيش لأنفسنا فقط .
{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم}
فارعوهم حق الرعاية ،وأدِّبوهم أحسنَ تأديب ،واحذروا أن يخرج بعضهم عن الطاعة ،وتلطّفوا معهم .ولذلك قال:
{وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
ما أرحمه وما أعظمه !كيف يعلّمنا ويهذبنا ،بأن نكون هيّنين ليّنين مع أولادنا وأزواجنا وبذلك تتم السعادة .
وإن كثيراً من الناس يكونون في البيت مصدَر شرٍّ وإزعاج لزوجاتهم وأولادهم ،وفي خارج البيت من ألطفِ الناس وأرحَبِهم صدراً ،هؤلاء شرٌّ من الحيوانات .