3 يلحدون إليه: هنا بمعنى: ينسبون إليه تعليم النبي .
تعليق على آية
{ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}
والآية تدل دلالة قاطعة على أنه كان يقيم في مكة أناس غير عرب ،والمتبادر من نسبة الكفار إليهم تعليم النبي أنهم كانوا على شيء من العلم ،بحيث كانوا مظنة تعليم النبي .ووجود فريق من أهل الكتاب والعلم في مكة ،مما أيدته آيات عديدة أخرى ،وحكى بعضها إيمانهم وخشوعهم على ما مر في تفسير سورتي الإسراء والقصص .ولقد ذكر المفسرون استنادا إلى روايات رووها أسماء عديدة للشخص المذكور في الآية ،ومن الأسماء عائش ،أو يعيش: غلام حويطب بن عبد العزى ،وكان صاحب كتب وعلم ،وجبرا الرومي: غلام عامر بن الحضرمي ،وكان يصنع السيوف ،ويقرأ التوراة والإنجيل ،فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر وقف عليه ليسمع ما يقرأ{[1]} ،وبلعام: وكان قينا – حدادا- نصرانيا في مكة ،وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل عليه على مرأى من المشركين{[2]} .وممن روى المفسرون أسماءهم في هذا الصدد: سلمان الفارسي أيضا .فكان هذا مما جعل المشركين على ما هو المتبادر يقولون ما قالوه هنا ،وما حكته عنهم آية سورة الفرقان [ 4]التي مر تفسيرها .
وطبعي أن هذا لا يعني أن ما قاله المشركون مطابق للواقع ،فالآيات تحكي قولهم كما هو ،وترد عليه ردا صريحا قاطعا ،يعلن على مسمع جميع الناس ومسمع من كان قولهم يعنيهم من أهل العلم والكتاب في مكة ،بالإضافة إلى ما حكته آيات أخرى أوردناها قبل من إيمانهم بالرسالة المحمدية وشهادتهم بصدق صلة القرآن بالله ووحيه ؛لأنهم رأوا أعلام النبوة في النبي صلى الله عليه وسلم ،واستطاعوا أن يتجردوا من الهوى والتعصب والمآرب .ورأى المشركون ذلك وسمعوه .وهذا كاف لتزييف هذا القول الذي استغله المبشرون والمغرضون من المستشرقين استغلالا بشعا على غير طائل ،ويدل على أنهم لم يدركوا مدى الوحي القرآني والرسالة المحمدية ،أو يكابرون ويغالطون فيهما على ما شرحناه في سياق سورة الفرقان شرحا يغني عن التكرار .