/م101
المفردات:
بشر: هو جبر الرومي غلام ابن الحضرمي ،كان قد قرأ التوراة والإنجيل ،وكان النبي يجلس إليه إذا آذاه أهل مكة .
الإلحاد: الميل ،يقال: لحد ،وألحد ،إذا مال عن القصد ،ومنه سمي العادل عن الحق: ملحدا .
لسان: أي: كلام .
أعجمي: الأعجمي: والأعجم: الذي في لسانه عجمة ،من العجم كان أو من العرب ،ومن ذلك زياد الأعجم كان عربيا في لسانه لكنة .
التفسير:
{ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر} .
ذكر بعض المفسرين:اسم هذا الرجل ،فقيل:اسمه بلعام ،وقيل: اسم هذا الرجل: يعيش ،وقيل غير ذلك .
والمعنى:
إنا لنعلم أن هؤلاء المشركين يقولون جهلا: إن محمدا يتعلم هذا القرآن على يد رجل حداد ،وربما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إليه ،ويكلمه بعض الشيء .
{لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} . أي: كذبتم أيها المشركون كذبا شنيعا ؛فالإنسان الذي تشيرون إليه عبد حداد ،لسانه أعمى ،يعيش بين المطرقة والسنديان ،وبما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمه وينير معارفه ،بدليل أن أهل مكة سألوا هذا الحداد: هل تعلم محمدا ؟فقال لهم: بل هو يعلمني .
{وهذا لسان عربي مبين} .
والقرآن عربي في أعلا درجات البلاغة والفصاحة ،فقد أعجزكم بفصاحته وبلاغته ،وتحداكم وأنتم أهل اللسان والبيان ،أن تأتوا بمثله ،أو بعشر سور منه ،أو بسورة واحدة ،فعجزتم عن ذلك مع شدة الرغبة منكم ،واستمرار التحدي ،ونشوب الحرب والقتال ،ووجود الدواعي والرغبة منكم في إيجاد ما يشبه القرآن ،ولما جاءوا بسورة كانت ناقصة مبتورة ،وكانت أدل على فشلهم وعجزهم فأنى لبشر أن يأتي بقرآن مثل هذا ،فضلا عن أن يكون معلما لمحمد ،وهذا المغمز من قريش ،ربما كان منها على سبيل السخرية ،لا على سبيل الجد ،فما حواه القرآن من العلوم والمعارف ،والآداب والتشريع ،ليس في مقدور بشر أن يأتي به .
وفي مؤتمر المستشرقين عام 1954م ،كانت دعواهم: أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عمل فرد واحد ، هو محمدبل من عمل جماعة كبيرة ،وأنه لا يمكن أن يكون قد كتب في الجزيرة العربية ،بل إن بعض أجزائه كتب خارجها .
دعاهم عظمة هذا الكتاب أن يستكثروه على موهبة رجل واحد ،وعلى علم أمة واحدة ،ولم يقولوا ما يوحي به المنطق الطبيعي المستقيم: إنه من وحي رب العالمين .