{ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون 53 يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين 54 يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون 55} [ 53-55] .
في هذه الآيات:
1- حكاية لتحدي الكفار للنبي بالتعجيل بالعذاب الذي ينذرهم به في معرض الاستخفاف والاستهزاء .
2- ورد عليهم بأنه لولا اقتضاء حكمة الله بتأجيل العذاب إلى أجل معين في علمه لجاءهم فورا كما يطلبون .
3- وتوكيد بأن العذاب واقع عليهم حتما وسيفاجئهم مفاجأة دون أن يشعروا بمقدماته ،وبأن جهنم معدة لهم في الآخرة دون أن يفلت منهم أحد ،وبأن العذاب سوف يغشاهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقال لهم حينئذ: ذوقوا ما كتم تعملون .
قال البغوي: إن الآيات نزلت في النضر بن الحارث حين قال: ( فأمطر علينا حجارة من السماء ) ولم يعز المفسر هذا إلى أحد ولم يرد في كتب الأحاديث الصحيحة .ولقد حكت إحدى آيات سورة الأنفال هذا القول بسبيل ذكر ما كان من الكفار من استعجال للعذاب على سبيل الهزء والاستخفاف وهي{وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم 32} غير أن الاستعجال منهم قد تكرر وحكته عنهم آيات عديدة سابقة مع الرد عليهم بحيث لا نرى مرجحا لتسويغ تخصيص النضر بالذكر في صدد نزول الآية .
والذي يتبادر لنا أن الآيات متصلة بحكاية موقف الكفار وحجاجهم وتحدّيهم التي احتوتها الآيات السابقة واستمرار للسياق .وقد احتوت تحديا جديدا للكفار فردت عليهم كما احتوت ذلك الآيات السابقة .ولما كان التحدي بتعجيل العذاب قد صدر مرارا من مشركي العرب فإنا اعتبرنا ذلك قرينة رجحنا بها أن التحدي بالإتيان بالمعجزات التي حكته الآيات السابقة هو منهم أيضا .