كانت قريشكسائر الشعوب التي تقدمتهاتواجه الدعوة إلى الإيمان بالله وبرسالته ،والإنذار الإلهي بالعذاب للكافرين بالله وبرسله ،بالإِعراض والسخرية والاستهزاء ومطالبة النبي بالعذاب الذي يتوعدهم به ،تماماً كما هو الحال في كل شخص يواجه التحدي بالقوّة من الطرف الآخر ،عندما يرد التحدي بالكلمة القائلة: إذا كنت جاداً وقادراً فنفّذ تهديدك واستعمل قوتك .وهكذا كان رد فعلهم على الدعوة باستعجال نزول العذاب عليهم ،فكيف كان ردّ الفعل القرآني في ما أوحى به الله لرسوله ؟
عذاب الكافرين لأجل مسمى
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} الذي وعدتهم به ،{وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءهُمُ الْعَذَابُ} لأن المسألة ليست مسألة المشاعر الانفعالية التي يثيرونها في نفسك ،لتكون الاستجابة منَّا رداً على ذلك ،فنحن قادرون على إنزال العذاب عليهم ،تماماً كما ننزل عليهم المطر من السماء ،ونثير في أجوائهم العواصف .ولكن المسألة هي أن الله قد جعل الحياة خاضعةً لنظام دقيق في حركتها الكونية ،وفي تنظيم أمور الناس ،في استجابتهم للرسالة ،وفي إنكارهم لها ،في ما هو الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة ،إذ القضية لا تخضع لاقتراحات المقترحين ،ولا ينزل الله العذاب قبل الأجل المحدد له .ولكن لا بد لهم من أن يفهموا كيف تتحرك بهم المفاجآت ،فقد يأتيهم أمر الله من حيث لا يحتسبون{وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون} في ساعات لهوهم وعبثهم وشغلهم واسترخاء الحياة من حولهم .