{وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 27 )بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 28 )} . [ 27 – 28] .
الآيتان معطوفتان على الآية السابقة في صدد الإشارة إلى موقف الكفار وإنذارهم والضمير فيها راجع إليهم .وقد حكت الآية الأولى ما سوف يشعرون به من الندم على هذه المواقف حينما يقفون على النار يوم القيامة ويتيقنون من مصيرهم الرهيب فيها فيأخذون يتمنون العودة إلى الدنيا فلا يكذبون بآيات الله ويكونون من المؤمنين برسله .وقد احتوت الآية الثانية تنديدا وتبكيتا للكفار ثم توكيدا بأنهم لو عادوا إلى الدنيا كما طلبوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون .وينطوي في هذا تعليل لذلك بأنهم إنما كانوا يصدرون عن نية خبيثة وطوية فاسدة .
وقد أول المؤولون الشطر الأول من هذه الآية بتأويلين أحدهما: ( إنهم إنما قالوا ما حكته الآية الأولى عنهم لأنهم بدا لهم عاقبة وبال ما كانوا يخفونه من المساوئ والمعاصي ) .وثانيهما: ( إنهم ظهر لهم مصداق ما كانوا مستيقنين منه من صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما كان يدعو إليه ويبلغه ويبشر وينذر به والذي كانوا يجحدونه استكبارا وحسدا وغيظا ) .وكلا التأويلين وارد .ولقد أشير إلى الأول في آية سورة السجدة [ 12] وآية سورة فاطر [ 37] وأشير إلى الثاني في آية سورة ص [ 7] وآيات سورة فاطر [ 42 و 43] وآية سورة الزخرف [ 31] .
وواضح أن الآيتين استهدفتا فيما استهدفتاه إنذار الكفار وإثارة الخوف في قلوبهم وتصوير ما استقر في نفوسهم من تعمد العناد والكفر وفقدهم الرغبة الصادقة في الإيمان والصلاح .وفيهما تطمين وتسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين أيضا بالإضافة إلى ما فيهما من مشهد أخروي يجب الإيمان به .