{ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم 64} .
{ لهم} الضمير يعود على أولياء الله ، البشرى هي التبشير بما يلقي السرور في أنفسهم ، وقد حكم الله تعالى لهم بالبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وذلك وعد حق ، ولذا قال سبحانه:{ لا تبديل لكلمات الله} وهي ما قرره سبحانه من عذاب ونعيم وبعث ونشور فهي لا خلاف فيها ولا تبديل لكلمات الله الأزلية الباقية ومن ذا الذي يبدل أو يغير في كلمات الله التي كتبها لعباده المتقين .
والبشرى في الحياة الدنيا تكون بما ذكره الله لعباده المتقين في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى:{ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون 30 نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون 31}( فصلت ) .
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن البشرى هي الرؤيا الصادقة تبشره بالخير"{[1304]} ، وروى أن البشرى تكون الثناء على علمه والرضا بما يفعل . روى عن أبي ذر أنه قيل:يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل يحمده الناس ويثنون عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم:"تلك عاجل بشرى المؤمن"{[1305]} .
إن المؤمنين الصافية نفوسهم والذين أخلصوا وجوههم لله تعالى تميل إليهم قلوب المخلصين ،وكان بعض الأعراب يؤمنون بمجرد رؤيتهم لوجه النبي صلى الله عليه وسلم رآه مرة أعرابي فسأله:أأنت الذي تقول قريش أنك كذاب ، ما هذا بوجه كذاب ثم أسلم . ذلك صفاء النفس المحمدية بدا نورا في وجهه فآمن الأعرابي .
وأما بشرى الآخرة فهي لقاء الملائكة لهم بالبشرى ، كما قال تعالى:{ لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون 103}( الأنبياء ) .
كما يقول سبحانه:{ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم 12}( الحديد ) .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ولي الله وهو أول الأولياء وهاديهم فلا يلتفت إلى قول الذين يناوئونه ؛ لأنه ولي العزيز الحكيم؛ ولذلك قال سبحانه: