{ متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون 70} .
أي أن ما ينالوه في الدنيا ليس الفوز العظيم الذي يفوز به المتقون ولا الفلاح الذي يناله أهل الحق ، وأن من يضحكون قليلا و يبكون كثيرا لا يعدون فائزين ، بل متعجلين لأدنى النفع طاردون للمنفعة الباقية بالمنفعة العاجلة ، والتنكير في كلمة{ متاع} للتحقير والتصغير ، والتعبير بمتاع يومئ إلى أنه قليل غير جليل ، وقد حدد بأنه في الدنيا ، ويرتضيه من يقبل الدنيا بدل الآخرة ، ومن يطلبها ويطرح وراءها الآخرة .
ثم يقول سبحانه في عاقبة من يكذبون على الله ويتحدون الأنبياء:{ ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون} . كلمة{ ثم} ، في موضعها من الترتيب والتراخي ، والتراخي زمني ومعنوي ، أما الزمني خلاف الرجوع إلى الله بعد البعث والنشور وقيام الساعة ، أما المعنوي فما بين متعة الدنيا الفانية وعذاب الآخرة الباقي{ إلينا مرجعهم} فيه تقديم كلمة{ إلينا} على مرجع وفي ذلك معنى الاختصاص وراءه الإنذار الشديد ، أي إلينا وحدنا رجوعكم وقد افتريتم الكذب وعبدتم غير الله فلا بد أن تنالوا الجزاء الوفاق على ما قدمتم من قول باطل وعقيدة فاسدة وشرك بين ، ولذا قال سبحانه:{ ثم نذيقهم العذاب الشديد} وكلمة{ ثم} على موضعها كأختها التي قبلها . وعبر الله تعالى عن العذاب بقوله "نذيقهم"للإشارة إلى أن يصيب مشاعرهم وأحاسيسهم ، يشعرون به ، وكلما نضجت جلودهم بدلهم الله تعالى جلودا غيرها ، ثم بين سبحانه أن ذلك{ بما كانوا يكفرون} ، حيث يدل الفعل الماضي والمضارع على الاستمرار على كفرهم يجددونه آنا بعد آن .
نوح عليه السلام وقومه
قال تعالى: