{ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد87} .
استنكروا دعوته في العبادة وفي إصلاح المعاملات ، ولما كان كثير الصلاة والضراعة قالوا{ أصلاتك تأمرك} أي تدفعك لأن تدعونا إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأوثان ، كما يستنكرون دعوته لإصلاح معاملاتهم ، وذلك من مبادئ الأخلاق الكريمة .
ثم يقولون:{ إنك لأنت الحليم الرشيد} ، قال بعض المفسرين إن قولهم هذا كان تهكما عليه ، كأنهم يقولون أتحسب نفسك العاقل الرشيد المدرك وحدك وما أنت كذلك .
وإني أرى أنهم قالوا ذلك قاصدين معناه على إدراكهم ، ولذا أكدوه ب{ إن} بأن ، وباللام ، وأنت ، و{ الحليم}:العاقل المدرك ،و{ الرشيد} الذي يدبر أموره على حكم العقل .
وكأنهم يقولون إن مقتضى ما أنت عليه من العقل والرشد والإدراك كان يوجب عليك ألا تنهانا عن أن نترك ما كان يعبد آباؤنا وأن تتركنا على ما ألفنا ، وألا تصادر أموالنا أو تنهانا عن طرقنا التي تدر علينا الربح الوفير والخير الكثير ، وذلك أشد ما تقع فيه النفس من فساد والعقل من الأهواء ، إذ يحسبون الدعوة إلى الخير مما لا يليق ، ويعاود نبي الله إرشادهم .