/م84
/م87
{ قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} قرأ جمهور القراء [ صلواتك] بالجمع ، واستدل بها على أنه كان كثير الصلاة ، وحمزة والكسائي [ صلاتك] بالإفراد ، والاستفهام للإنكار ، والاستهزاء به وبعبادته عليه السلام ، والصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر بما تكسبه من مراقبة الله تعالى ، ومن نهى نفسه كان جديرا بأن ينهى غيره ، يعنون أهذه الصلاة التي تداوم عليها تقتضي بتأثيرها في نفسك أن تحملنا على ما ترك ما كان عليه آباؤنا من عبادة هذه الأصنام التي كانوا يعبدونها تقربا إلى الله بها ، وتشفعا عنده بجاه الأرواح التي تحتلها ، أو الأولياء التي وضعت لذكارهم ، وما أنت خير منهم ، وأجدر باتباعهم .
{ أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} من تنمية واستغلال ، وتصرف في الكسب من الناس بما نستطيع من حذق واحتيال ، وخديعة واهتبال ، وهو حجر على حريتنا ، وتحكم في ذكائنا ؟ ردوا بهذا وبما قبله عليه دعوته من جانبيها الديني والدنيوي نشرا مرتبا على لف ، ونقضا لما بنيت عليه من حجة وعطف ، ولذلك ذيلوه بما يشير إلى هذا النقض ، فقالوا بصد التعريض والتنديد .
{ إنك لأنت الحليم الرشيد} الحليم العاقل الكامل في أناته وترويه فلا يتعجل بأمر قبل الثقة من صحته ، والرشيد الراسخ في هدايته وهديه ، فلا يأمر إلا بما استبان به من الخير والرشد ، ووصفه بهما وصفا مركبا بالجملة الاسمية وإن واللام في تعليل إنكارهم لما أمرهم به وما نهاهم عنه كلاهما صريح في الاستهزاء به ، والتعريض بما يعتقدون من اتصافه بضدهما ، وهو الجهالة والسفه في الرأي ، والغواية في الفعل ، بهوس الصلاة ، قال ابن عباس [ رضي الله عنه]:يقولون إنك لست بحليم ولا رشيد .