{ وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون58}
ولقد صدق بهذا اللقاء إلهام الله تعالى في وحيه إذ قال تعالى:{. . . .وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون 15} ، وقوله تعالى:{ وهم له منكرون} معناه أنهم لم يعرفوه ، والنفي مؤكد ، بكلمة{ هم} ، وبالوصف ، فحالهم حال إنكار مؤكد وذلك لطول العهد ، وتركهم له وهو غلام ، وقد صار رجلا مكتملا ، وليوهمهم أنه هلك ، والفارقة الكبيرة بين حاله إذ رموه في غياهب الجب ، وحاله وهو جالس على عرش مصر ، أو قريب منه ، لذا لم يعرفوه .
وقد روى الكاتبون في قصص الأنبياء أنه صار وزير الملك ، وجعل على خزائن الأرض وأقام العدل ، والعدل ذاته فيه نماء ، واجتهد في تنمية الثروة المصرية ، فأكثر من الزراعات ، وضبط الثمرات والغلات وادخر ما ادخر لسنى الجدب على النحو الذي شرعه في تفسير الرؤيا ، ولما جاء الجدب ، وكان يعلم ذلك بتعليم من الله ، عم القحط مصر ،وتوجه الناس إليه فباعها بالدراهم والدنانير أولا ، ثم باعوا حليهم وجواهرهم ثانيا ، ثم باعوا أنفسهم ثالثا ، ولكن نبي الله أعتقهم بتفويض من الملك .
وقد وصل القحط حيث تقيم أسرة نبي الله تعالى يعقوب فأرسل ولده يمتارون من مصر التي كانت وحدها بفضل تعليم الله تعالى لابنه هي التي يمكن أن تكون فيها الميرة .
كان يوسف هو الذي يتولاها ، فأعطاهم ما طلبوا ، وطلب منهم طلبا وقد قال تعالى: