القول في تأويل قوله تعالى:وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:(وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم) ، يوسف، (وهم) ليوسف (منكرون) لا يعرفونه .
* * *
وكان سبب مجيئهم يوسفَ ، فيما ذكر لي , كما:-
19463 - حدثنا ابن حميد , قال:حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال:لما اطمأن يوسف في ملكه , وخرج من البلاء الذي كان فيه , وخلت السنون المخصبة التي كان أمرهم بالإعداد فيها للسنين التي أخبرهم بها أنها كائنة , جُهد الناس في كل وجه , وضربوا إلى مصر يلتمسون بها الميرة من كل بلدة . وكان يوسف حين رأى ما أصاب الناس من الجهد , قد آسى بينهم , (11) وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرًا واحدًا , ولا يحمل للرجل الواحد بعيرين , تقسيطًا بين الناس , وتوسيعًا عليهم , (12) فقدم إخوته فيمن قدم عليه من الناس , يلتمسون الميرة من مصر , فعرفهم وهم له منكرون , لما أراد الله أن يبلغ ليوسف عليه السلام فيما أراد. (13)
19464- حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي , قال:أصاب الناس الجوعُ , حتى أصاب بلادَ يعقوب التي هو بها , فبعث بنيه إلى مصر , وأمسك أخا يوسف بنيامين ; فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون ; فلما نظر إليهم , قال:أخبروني ما أمركم , فإني أنكر شأنكم ! قالوا:نحن قوم من أرض الشأم . قال:فما جاء بكم قالوا:جئنا نمتار طعامًا . قال:&; 16-154 &; كذبتم , أنتم عيون، كم أنتم؟ قالوا:عشرة . قال:أنتم عشرة آلاف , كل رجل منكم أمير ألف , فأخبروني خبركم. قالوا:إنّا إخوة بنو رجل صِدِّيق , وإنا كنا اثنى عشر , وكان أبونا يحبّ أخًا لنا , وإنه ذهب معنا البرية فهلك منا فيها , وكان أحبَّنا إلى أبينا . قال:فإلى من سكن أبوكم بعده؟ قالوا:إلى أخ لنا أصغر منه . قال:فكيف تخبروني أن أباكم صدِّيق، وهو يحب الصغير منكم دون الكبير؟ ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليهفَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ * قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ، قال:فضعُوا بعضكم رهينة حتى ترجعوا. فوضعوا شمعون.
19465- حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة:(وهم له منكرون) قال:لا يعرفونه.
* * *
----------------------
الهوامش:
(11) في المطبوعة:"أسا بينهم"، والصواب من المخطوطة . و"آسى بين القوم"، سوى بينهم ، وجعل كل واحد أسوة لصاحبه ، أي مثله .
(12) "التقسيط"التفريق ، أعطى لكل امرئ قسطًا ، وهو من العدل بينهم .
(13) في المطبوعة:"ما أراد"، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .