وإنهم في قسمهم هذا أو في حال الغرور التي اغتروا بها وحسبوا أنها حياة خالدة ، والعبر بين أيديهم قائمة ، ولذا قال تعالى:{ وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ( 45 )} .
سكن ، معناه قر فيها ، وغنى فيها ، وتتعدى ب ( في ) ، كما تتعدى بنفسها ، فيقال سكنت الدار ، والأصل هو التعدية ب ( في ) ثم لما شاع الاستعمال تعدت بنفسها .
والمعنى أن العبر كانت قائمة ، وأقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم لا يبعثون بعد موتهم ، وقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر ، والإيذاء للمؤمنين والصد عن سبيل الله ، وتبين لكم ما نزل بسبب ظلمهم من إمطارهم حجارة من سجيل منضود ، ومن جعل الأرض عاليها سافلها إلى آخر ما هو ثابت عبرة للآخرين ؛ ولذلك قال تعالى:{ وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} ، أي تبين ما فعله الله بهم ، وحالهم العجيبة الجديرة بالنظر ، وبينا لكم الأمثال الأشباه ، ومع ذلك لم تعتبروا ، فاليأس من إيمانكم كان ثابتا ، واليأس من إيمانكم بعد رجعتكم إلى الدنيا أشد ثبوتا .