ثم بين سبحانه ثواب الآخرة أو بعضه ، فقال .
{ جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين ( 31 )} .
{ جنات} بدل أو عطف بيان لدار المتقين ، إنها{ جنات عدن} بها إقامة دائمة ثابتة يجتمع فيها جمال المنظر ، والرى ،{ تجري من تحتها الأنهار} وتلك متعة النظر ، فيكون خرير الماء مع ما يحوطه من خضرة تسر الناظرين بنضرتها ، وترتاح النفوس بمنظرها ، وبين بعد ذلك أن هذا المنظر الجميل الذي يشرح الصدر معه التمكن من كل ما يحبون ؛ ولذا قال بعد ذلك:{ لهم فيها ما يشاءون} من خير ، وما يريدون من طيب لا يمنع عنهم شيء ، وإذا كانوا قد حرموا في الدنيا من مال ونسب فهم في الآخرة ممكنون ، وإذا كانوا قد صبروا أنفسهم لله تعالى قدر عناءهم بأن مكنهم من كل ما يريدون ، منطلقة إرادتهم ومشيئتهم ، وقال تعالى في آية أخرى:{. . .وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين . . .( 71 )} [ الزخرف] .
{ كذلك يجزي الله المتقين} ، أي كهذا الجزاء الذي نراه للذين اتقوا ربهم يجزي الله المتقين دائما ، وهذا تشبيه أو تصوير لمعنى المكافأة الذي يكافئ الله تعالى بها عباده ، فهو تصوير للمعنى الكلي في جزاء الله للمتقين بهذه الحال التي ينالها المتقون ، وهم المحسنون الذين أتقنوا أعمالهم ، بإحكامها وأحكام الخير وإحسانه يكون أولا بتطهير النفس من الأهواء ، والآثام ، ويكون بالنية الصادقة الصافية ، وثانيا بالعمل الصالح .