ولذا أشار سبحانه وتعالى إلى كمال قدرته على الخلق والتكوين ، وأنه ليس إلا يريد الشيء فيكون ، فقال الله تعالى:
{ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( 40 )}
{ إنما} "أداة قصر"أي أن خلق الله للأشياء محصور في هذه الطريق السهلة التي لا تمتنع عليه بشيء ، ولسنا نحث في سر الخلق والتكوين ، فنسأل كيف خلق الله الناس ، إنما نتعرف ذلك من قوله سبحانه ، وهو يدل على أن الله تعالى يخلق الأشياء بإرادته المختارة ، فلم تنشأ عنه الأشياء نشوء المعلول عن علته ، فذلك وهم تعالى عنه سبحانه ؛ ولذا قال سبحانه:{ إنما قولنا لشيء} ، أي حاله وشأنه في قدرته وتكوينه للأشياء{ إذا أردناه} ، أي أراده بإرادة حرة مختارة ، وأنه فعال لما يريد{ أن يقول له كن فيكون} ، أي احدث وكن شيئا مذكورا ، فيكون ، ومعنى هذا أنه سبحانه وتعالى لا يصعب عليه شيء في الوجود ، فلا يتكلف كائن في الوجود أكثر من قوله كن فيكون ، وهذا تصوير لسهولة الخلق عليه تعالت قدرته ، وذلك كقوله تعالى:{. . .وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب . . .( 77 )} .
وهذا كله للعاقل المستبصر المدرك ، ولقد كانوا يعجبون كيف يعودون . ولقد فنيت أجسام الأموات فقال تعالى مبينا أن شيئا لا يصعب على إرادته ، فقال:{ قل كونوا حجارة أو حديدا ( 50 ) أو خلقا مما يكبر في صدروكم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغصون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ( 51 ) يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ( 52 )} [ الإسراء] .