{ قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدا 110} .
الأمر بالقول للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جزء من تبليغ رسالة ربّه ، و{ إنما} أداة قصر أي أنه صلى الله عليه وسلم مقصور على البشرية وإنما يوحى إليه ، فهو بشر ولا يتجاور أنه بشر ولكن اختص من بينهم بأنه يوحى إليه فليس واحدا من الملائكة ، والموحى به أن{ إلهكم إله واحد} ، فهو إعلام من الله تعالى بمن هو الإله حقا ، فهو الله تعالى ، ولا إله غيره ، وإنه قد قامت مع هذا الوحي بالصادق الذي قامت الدلائل على صدقه ، وهو مؤيد بالآيات في الكون فإن الكون بما فيه من سماء وأرض ، وكواكب هي زينة السماء وزروع وثمار ومعادن وكنوز ، فيها الآيات البينات على أن الخالق الواحد .
وإن الناس في تلقّي هذه الرسالة من عند الله تعالى قسمان:
القسم الأول:يؤمن بالغيب ، ولا يأسره الحس وتستغرقه المادة .
والقسم الثاني:استغرقته المادة ، حتى لا يؤمن إلا بما هو مادي حسي ، والأول هو الذي يرجو لقاء ربه وهو الذي ينادي بفعل الخير ، والإيمان بالحق ، ولذا قال تعالى:{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} .
وقال:{ فمن كان يرجو لقاء ربه} ، أي يستقين بلقاء ربه ، وعبر بالرجاء بدل اليقين ، لأنه يفيد اليقين مع تمنى اللقاء والرغبة فيه وطلبه بالعمل ، ولذا كان جواب الشرط{ فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ، لأنه إذا كان يرجو الله ولقاءه فهو لا يعبد غيره ، لأنه أخذ بالرسالة وآمن بها ، والشرك في العبادة أن يجعلها لله وحده ، فلا يشرك في العبادة وثنا ولا شخصا . وهناك شرك في العبادة بأن يرائي الناس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:( من صلى يرائي فقد أشرك ، ومن تصدق يرائي فقد أشرك ، ومن صام فقد أشرك ){[1459]} ، وهذا هو الشرك الخفي والشرك الأصغر ، وقد قال الزمخشري عند تفسير هذه الآية:والمراد بالنهي عن الإشراك في العبادة ألا يرائي بعمله ، وألا يبتغى إلا وجه الله تعالى خالصا لا يخلط به غيره ، وقيل نزلت في جندب بن زهير قال للنبي صلى الله عليه وسلم:إني أعمل العمل لله تعالى فإذا أطلع عليه سرني ، فقال:( إن الله لا يقبل ما شورك فيه ) ، وروى أنه قال:( لك أجران أجر السر وأجر العلانية ) ، وذلك إذا قصد أن يفتدى به ، وعنه صلى الله عليه وسلم:( اتقوا الشرك الأصغر ) ، قالوا:وما الشرك الأصغر ؟ ، قال:( الرياء ) .