وإن المؤمن يجب أن يكون ذاكرا لله دائما ، لتستقيم حياته ، ويستقيم أمره مع الناس ويكون مصدر نفع وخير لهم دائما ، ولذا قال عز من قائل:{ واذكر ربك إذا نسيت} ، أي اجعل ذكر الله تعالى ملء قلبك دائما ، فلا تغفل عن ذكره ، فإن يذكره تطمئن القلوب به ، وتطب من أدوائها ، ومن كان الله تعالى في نفسه لا يغيب عنه لا يضل ولا يشقى ، وإذا غاب عنك أمر أو لم تتمكن من شيء فعسى أن يكون المغيب خيرا مما فات ، وعسى أن المدخر له أغنى وأقنى ، ولذا قال تعالى:{ وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} ، ( الواو ) عاطفة{ قل} على{ ولا تقولن} فهو عطف الأمر على النهي ، أي أنه نهاه سبحانه عن أن يعزم الأمر غدا ، بل يعلقه على مشيئة الله تعالى مفوضا إليه سبحانه راجيا الخير ، متوقعا له ، ويقوله في إرادته ورغبته .
واستثناؤه بالمشيئة رجاء أن يجعل الله خيرا منه إذا فاته ، فالأمور كلها بإرادته سبحانه ومشيئته العليا ، ولن يكون شيء في الوجود إلا بمشيئته ، فمعنى{ وقل عسى أن يهدين ربي . .} أملأ نفسك رجاء بأن يحقق لك أمرا خيرا مما كنت اعتزمته من ناحيتين:
الناحية الأولى:أنه يكون أقرب منالا ، وأسهل تحصيلا .
الناحية الثانية:أنه يكون خيرا رشدا وعاقبة ، والله تعالى عليم .