وقوله:( واذكر ربك إذا نسيت ) قيل:معناه إذا نسيت الاستثناء ، فاستثن عند ذكرك له . قاله أبو العالية ، والحسن البصري .
وقال هشيم ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في الرجل يحلف ؟ قال:له أن يستثني ولو إلى سنة ، وكان يقول:( واذكر ربك إذا نسيت ) في ذلك . قيل للأعمش:سمعته عن مجاهد ؟ قال حدثني به ليث بن أبي سليم ، يرى ذهب كسائي هذا .
ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية ، عن الأعمش ، به .
ومعنى قول ابن عباس:"أنه يستثني ولو بعد سنة "أي:إذا نسي أن يقول في حلفه أو كلامه "إن شاء الله "وذكر ولو بعد سنة ، فالسنة له أن يقول ذلك ، ليكون آتيا بسنة الاستثناء ، حتى ولو كان بعد الحنث ، قال ابن جرير ، رحمه الله ، ونص على ذلك ، لا أن يكون [ ذلك] رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة . وهذا الذي قاله ابن جرير ، رحمه الله ، هو الصحيح ، وهو الأليق بحمل كلام ابن عباس عليه ، والله أعلم .
وقال عكرمة:( واذكر ربك إذا نسيت ) أي:إذا غضبت . وهذا تفسير باللازم .
وقال الطبراني:حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، حدثنا سعيد بن سليمان ، عن عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس:( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ) أن تقول:إن شاء الله [ وهذا تفسير باللازم] .
وقال الطبراني:حدثنا محمد بن الحارث الجبيلي حدثنا صفوان بن صالح ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن عبد العزيز بن حصين ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله:( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ) أن تقول:إن شاء الله .
وروى الطبراني ، أيضا عن ابن عباس في قوله:( واذكر ربك إذا نسيت ) الاستثناء ، فاستثن إذا ذكرت . وقال:هي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس لأحد منا أن يستثني إلا في صلة من يمينه ثم قال:تفرد به الوليد ، عن عبد العزيز بن الحصين .
ويحتمل في الآية وجه آخر ، وهو أن يكون الله - عز وجل - قد أرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله تعالى ؛ لأن النسيان منشؤه من الشيطان ، كما قال فتى موسى:( وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) [ الكهف:63] وذكر الله تعالى يطرد الشيطان ، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان ، فذكر الله سبب للذكر ؛ ولهذا قال:( واذكر ربك إذا نسيت ) .
وقوله:( وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا ) أي:إذا سئلت عن شيء لا تعلمه ، فاسأل الله فيه ، وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد [ في ذلك] وقيل غير ذلك في تفسيره ، والله أعلم .