/ت23
بحوث
كل شيء يعتمد على مشيئته تعالى
إِنَّ ذكر جُملة ( إِن شاء الله ) عند اتّخاذ القرارات المرتبطة بالمستقبل ليسَ نوعاً مِن الأدب في محضر الخالق جلَّ وعلا وحسب ،بل هُوَ بيان لحقيقة أنّنالا نملك شيئاً مِن عندنا ،بل هُوَ مِن عنده تعالى ،وكُلنا نعتمد ونستند إِليه لأنّه هو المستقل بالذات فقط ،فلو تحركت كل السكاكين والشفرات في العالم لِتقطع عرقاً واحداً فإِنّها لا تستطيع مِن دون إِذنه تعالى .
إِنَّ هذه الحقيقة هي نفسها ( توحيد الأفعال ) ففي الوقت الذي يملك الإِنسان حريته وإِرادته ،فإِنَّ تحقق أي شيء وأي عمل إِنّما يرتبط بمشيئةالخالق جلَّ وعلا .
إِنَّ تعبير ( إِن شاء الله ) يزيد مِن توجهنا نحو الله تبارك وتعالى ،ويمنحنا القوّة والقدرة على الإِنجاز ،وهو مَدْعاة إلى تزكية وطهارة وصحة الأعمال أيضاً .
ونستفيد مِن بعض الرّوايات أنَّ الإِنسان إِذا ذكر كلاماً عن المستقبل بدون ذكر ( إِن شاء الله ) فإِنَّ الله سوف يَكِلُهُ إلى نفسه ويُخرجه مِن مظلة حمايته{[2282]} .
وفي حديث عن الإِمام الصادق( عليه السلام ) نقرأ أنَّهُ( عليه السلام ) أمر يوماً بكتابة رسالة ،وعندما جاؤوا بالرسالة إِليه وجدها خالية مِن كلمة ( إِن شاء الله ) فقال( عليه السلام ): «كيف رَجوتم أن يتمّ هذا وليسَ فيه استثناء ،انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه » .
5الإِجابة على سؤال
قرأنا في الآياتمحل البحثأنَّ الله يخاطب رسوله بقوله: ( واذكر ربّك إِذا نسيت ){[2283]} وهي إِشارة إلى أنك عندما تنسى ذكر ( إِن شاء الله ) وتتذكر بعد ذلكفعليك باستدراك الأمر بذكر ( إِن شاء الله ) .
وفي الأحاديث العديدة الواردة عن أهل البيت( عليهم السلام )في تفسير الآيةهُناك تأكيد على هذا الموضوع حتى بعد مرور سنة إِذا تذكرت فعليك أن تقول ( إِن شاء الله ) عِوضاً عمّا فاتك وعمّا نسيته{[2284]} .
والآن قد يُطرح هذا السؤال وهو: إِذا جازَ نسبة النسيان إلى رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم )في حين أنَّ الناس يعتمدون على أقواله وأعماله ،فكيف يستقيم ذلك مَع دليل عصمة الأنبياء والرُسل والأئمّة مِن الخطأ والنسيان ؟
ولكن ينبغي الالتفات إلى أنَّ الكثير مِن الآيات القرآنية يكون الحديث فيها مُوجهاً إلى الرُسُل في حين أنَّ المعنيّ بها عامّة الناس ،وهي كما يقول المثل العربي ،«إِياك أعني واسمعي يا جارة » .
بعض المفكرين الكبار ذكروا جواباً على هذا السؤال أوردناه في نهاية الحديث عن الآية ( 68 ) مِن سورة الأنعام .