التفسير
الآية التي بعدها تعطي توجيهاً عاماً لرسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ): ( ولا تقولن لشيء إِنّي فاعل ذلك غداً ) .
( إِلاَّ أن يشاء الله ) يعني يجب أن تقول ( إِن شاء الله ) لكل ما يخص أخبار المستقبل وأحداثه و لكل تصميم تتخذه ،لأنّك أوّلا غير مستقل في اتّخاذ القرارات ،وإِذا لم يشأ الله فإنَّ كائناً مَن كان لا يستطيع القيام بأيِّ عمل ،لذا ولأجل أن تُثبت أنَّ قوّتك قبس مِن قوّة الله الأزلية ،وأنّها مرتبطة بقدرته ،أضف عبارة ( إِن شاء الله ) إلى كلامك .
ثانياً: لا يصح للإِنسانمن الوجهة المنطقيةأن يقطع في أخباره المستقبلية ومواقفه وتصميماته ،لأنَّ قدرته محدودة مع احتمال ظهور الموانع المختلفة ،لذلك الأفضل له ذكر جملة ( إِن شاء الله ) مع كل تصميم لفعل شيء .
بعض المفسّرين احتملوا أن يكون مُراد الآية هو أن تنفي استقلال الإِنسان في إِنجاز الأعمال ،حيث يصبح مفهوم الآية: إِنّك لا تستطيع أن تقول: إِنّك ستقوم بالعمل الفلاني غداً إِلاَّ أن يشاء الله ذلك .
بالطبع فإنّ لازم هذا القول أن الكلام سيكون تاماً مع إضافة ( ان شاء الله ) ولكن هذا اللزوم سيكون للجملة لا للمتن كما هو الحال في التّفسير الأوّل{[2281]} .
سبب النّزول الذي أوردناه في بداية الآيات يُؤيد التّفسير الأوّل ،حيثُ أنَّ الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد وعد بالإِجابة على أسئلة قريش حول أصحاب الكهف وغيرها بدون ذكر جملة ( إِن شاء الله ) لذلك تَأخَّر عنهُ الوحي فترة ،لكي يكون ذلك تحذيراً لرسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويكون عبرة لجميع الناس .
وبعد ذلك يقول القرآن: ( واذكر ربّك إِذا نسيت ) وهذه إِشارة إلى أنَّ الإِنسان إِذا نسي قول ( إِن شاء الله ) وهو يتحدَّث عن أمر مستقبلي ،فعليه أن يقولها فَور تذكره ،حيث يُعوَّض بذلك عمّا مضى منه .
وبعد ذلك جاء قوله تعالى: ( وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب مِن هذا رشداً ) .