وأما جزاء المؤمنين الذين اختاروا الحق سبيلا ، فهم في روح وريحان ، وقد ذكر الله تعالى جزاءهم فقال:
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا 30 أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا 31} .
بعد أن بين الله تعالى جزاء العصاة عبدة الأوثان ذكر من يستقبل المؤمنين المطيعين الذين يعملون الصالحات ، فقال عز من قائل:{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا 30} ، جعل الله تعالى سبب ما يستقبلهم من النعيم أمران:
الأمر الأول:إيمان صادق وإخلاص يعمر القلوب فإنه لا ثواب من غير قلب منيب .
الأمر الثاني:عمل صالح نافع بأداء ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه في استقامة قلب ، وكمال قصد واتجاه إلى النفع .
ويلاحظ هنا أنه أظهر في موضع الإضمار فلم يقل إنا لا نضيع أجرهم ، بذكر الضمير الذي يربط بين المبتدأ والخبر ، بل أظهر بالموصول ، فقال:{ إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} ، لبيان أن استحقاقه الأجر بسبب إحسان العمل وإتقانه ، وقد أكد الجزاء وأنه لا يضيع عملا ، ولا يظلم الناس أشياءهم في قوله:{ إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} أكّد الكلام ب( إن ) وبإضافة الجزاء إليه جل جلاله .
هنا ذكر الجزاء مبهما ، أو ذكره سلبيا ، بأنه سبحانه وتعالى لا يجرمهم من حقوقهم ، ولا يضيع عليهم أجورهم