وقد ذكر سبحانه تعالى المكان الذي نزل عليه الوحي ابتداء فيه ، وهو في أرض مدين فقال تعالى:
{ وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا 52} .
كان خطاب الله تعالى لموسى بالكلام ، ولذا قال تعالى ،{ وناديناه من جانب الطور الأيمن ، أي الجهة اليمنى من الطور ، أي أن مناجاة ربه كانت من جهة الطور الأيمن ، واليمين ميمون ، فهذه إشارة إلى اليمن ، وما هنا مجمل مذكور مفصلا في سورة القصص ، فقد قال تعالى بعد أن أنهى الإجارة مع شعيب:
{ فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون 29 فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين 30 وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولي مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين 31} ( القصص ) .
وهذا واضح في أنه تفصيل لبيان كيف كان النداء ، ولم يكن تكرارا ، بل كان بيانا لما أجمل هنالك ، وبيان المجمل ليس تكرارا ، هذه منزلة عالية ، وهو أنه كليم الله ، كلمه من وراء حجاب ، ولذا قال تعالى:{ وقربناه نجيا} ، أي كان خطاب الله تعالى تقريبا إذ ناجاه وخاطبه{ نجيا} ، وكأنها مسارة له ، لأنه لم يسمع ذلك النداء غيره في ساعة هذا النداء ، تعالى الله سبحانه علوا كبيرا .