ثم قوله تعالى:{ ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ( 56 )} أصل البعث هو الإثارة ، جاء في مفردات الراغب الأصفهاني:"أصل البعث إثارة الشيء وتوجيهه ، يقال بعثته فانبعث ، ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علق به ، فبعثت البعير أثرته وسيرته ، وقوله تعالى:{ يبعثهم} يخرجهم ويسيرهم إلى يوم القيامة .
وموتهم هنا هو ما غشيهم ، وفقدوا به إحساسهم ، وعبر عنه بالموت ، لأنه يشبه الموت من حيث إنهم فقدوا شعورهم وأصبحوا لا يحسون شيئا .
ومعنى قوله تعالى:{ ثم بعثناكم من بعد موتكم} أي أثرناهم ، وحركناهم ، وأوجدنا فيهم الإحساس . والتعبير ب "ثم"للإشارة إلى البعد بين حالهم ، وهم أشباه الموتى بما صعقهم من غاشية ، وما آلوا إليه من شعور بالحياة والحركة . . ، وقد فقدوا ذلك ، بسوء ما طلبوا ، وعدم فهمهم . والله تعالى ولي المؤمنين .
وإن ذلك يقتضى شكره ؛ لأنه كان قادرا على تركهم فيما آل إليه أمرهم ولذا قال تعالى:{ لعلكم تشكرون} أي رجاء أن تشكروا ، فالرجاء منهم لا من الله تعالى .